منذ أربعة أشهر، يعيش الشاب الموريتاني محمد سيدي عبد الله ولد مُِحمياي في ظروف احتجاز صعبة بمدينة بنغازي الليبية، على خلفية اتهامه بحيازة بطاقة إقامة وصفتها السلطات الليبية بأنها مزورة. ورغم أن هذا النوع من القضايا عادة ما يتم حله إداريًا، إلا أن الملف أخذ أبعادًا أكثر تعقيدًا بعد إحالة المعني إلى القضاء، مما يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة المعالجة وأبعادها.
تتجلى غرابة هذه القضية في عدة أوجه، إذ تشير المعطيات إلى أن المعتقل وقع فريسة لمخطط تديره عصابة منظمة، تستغل الأبرياء، وخصوصًا الأجانب، كوسيلة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة تخدم مصالحها الذاتية. وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك تجاهلًا صريحًا لكونه مواطنًا موريتانيًا، ينتمي إلى دولة ذات روابط تاريخية عميقة وأواصر أخوة راسخة مع ليبيا، قوامها التعاون والتقدير المتبادل الذي لطالما كان حجر الزاوية في العلاقات بين الشعبين الشقيقين.
لقد كان من المتوقع أن تظهر معالجة هذه القضية مدى عمق العلاقات، من خلال إيجاد حل سريع يجسد روح التفاهم المشترك. غير أن التصعيد الذي شهدته القضية مؤخرًا يكشف عن غياب استحضار البعد الأخوي الذي ينبغي أن يطغى على التعامل مع مثل هذه الملفات.
في ظل هذا الوضع، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك دبلوماسي مكثف. على الحكومة الموريتانية تسخير جميع قنواتها الدبلوماسية للتواصل مع الجانب الليبي، بهدف إيجاد حل سريع ينهي معاناة المعتقل. كما يمكن للمنظمات الحقوقية والقوى المجتمعية أن تلعب دورًا محوريًا في تسليط الضوء على القضية، والدفع نحو معالجتها بالطرق المناسبة. ومن الضروري فتح حوار بناء يضمن احترام حقوق المواطنين الموريتانيين ويعزز الثقة المتبادلة بين الطرفين.
إن هذه القضية لا تخص المعتقل فقط، بل تعكس تحديًا أوسع يتعلق بحماية حقوق المواطنين الموريتانيين في الخارج. لذا، ندعو جميع الأطراف، من مؤسسات حكومية ومجتمعية، إلى تبني هذا الملف والتعامل معه بجدية، بما يضمن عودة محمد سيدي عبد الله محمياي إلى وطنه وأسرته في أقرب وقت ممكن.
بقلم المهندس الحاج سيدي ابراهيم سيدي يحي
انواكشوط 21.11.2024