أجدني في غاية الدهشة والاستياء أمام هذا التهجم الذي أراه تجاوزًا فاضحًا، يفتقر إلى التثبت ويعتمد على المغالطات، مُستندًا إلى أقاويل لا تستقي من أي حقائق موضوعية. إن تعيين المندوب العام للتآزر السيد الشيخ ولد بده جاء مدفوعًا بسمات الكفاءة الرفيعة والنزاهة التي يتمتع بها، صفات كان من الأجدر أن تحصنه من هذا النوع من الانتقادات المجحفة. لكن، يبدو أن الأطر النزيهة في هذه البلاد باتت هدفًا رئيسيًا للوبيات الفساد النافذة، التي لا تألو جهدًا في تقويض جهود الإصلاح عبر حملات ممنهجة تهدف إلى النيل من السمعة وإحباط كل مساعٍ إصلاحية جادة. ولا شك أن هذا الاستهداف المنهجي للكفاءات يمثل حجر العثرة الأكبر أمام طموحات التنمية، ويحول دون استثمار موارد البلاد الكامنة، مما يدفعها نحو مسار من التراجع الاقتصادي والاجتماعي رغم ما تزخر به من إمكانات وثروات طبيعية لا حصر لها.
إن اختيار هذه الحكومة لم يأتِ عبثًا أو محض صدفة، بل جاء بعد سلسلة من التجارب المريرة لحكومات تعاقبت دون أن تتمكن من إحداث تحول حقيقي في مسار التنمية، إذ ظلّت البلاد أسيرة نهج دائري مغلق لا يتجاوز حدود الأزمات المتكررة. فبدت النهضة الحقيقية رهنًا بتشكيل حكومة تتسم بقدرتها على الإصلاح، وتضم فريقًا ذا كفاءة وعزيمة وولاء وطني عميق، ليواجه بجدارة الوضع المأساوي المتراكم. وفي هذا السياق، وقع الاختيار على السيد الشيخ ولد بده ليشغل منصب المندوب العام للتآزر الذي يُعد الواجهة الأمامية للحكومة الجديدة في معالجة ملفات الفقر والتهميش، وتمكين المواطنين من حقوقهم الأساسية.
لن تكون المهمة يسيرة، فالوضع يستدعي اتخاذ إجراءات صارمة لاجتثاث كل من اعتادوا توظيف الثغرات القانونية واستغلال مواطن الضعف في الأنظمة الإدارية، وصولًا إلى رشوة بعض أعضاء لجان الصفقات بهدف تحقيق مكاسب غير مشروعة. لقد غدت الصفقات بؤرة للفساد، رغم ما يُفترض أن يحيط بها من قوانين وإجراءات إدارية وُضعت لحمايتها من التزوير والتربح الشخصي. ومع ذلك، فإن أصحاب الفساد يمتلكون شبكات نفوذ مترامية داخل المؤسسات، تُمكنهم من تجاوز أي خطوة إصلاحية مهما كانت صرامتها.
وفي ظل هذه المعطيات، تواصل الحكومة الجديدة مساعيها الحثيثة لتجاوز سطوة هذه اللوبيات المتغلغلة، بهدف تحقيق التحول الجوهري المرجو. وفي هذا الإطار، جاءت اتهامات المدون سيدي ولد اكماش، الذي عمد في منشوره إلى تأطير الإجراءات الإصلاحية التي يتبناها المندوب العام للتآزر في صورة تحريضية، متخذًا من وسائل التواصل الاجتماعي منبرًا لاستهداف نزاهته ومحاولة تقويض مصداقيته وزعزعة صورته أمام الرأي العام.
وفي الحقيقة، هذا الأمر لا يستحق الرد، لأن مسار المندوب العام الجديد الشيخ ولد بده، حافل بالإنجازات خصوصًا فيما يتعلق بشركة سوملك التي أوردها المدون في اتهاماته. فقد حققت خلال فترة إدارته أعلى معدلات المردودية، وشهدت توسعًا ملموسًا في نطاق الخدمة، مما أتاح للعديد من المدن والقرى الاستفادة من التيار الكهربائي بعد أن كانت تعاني من حرمان طويل منه. لكن نظرًا لانتشار الخبر على نطاق واسع، ارتأيت أنه من الضروري توضيح هذا الموضوع، كي يتبين أن الهدف الحقيقي ليس شخص المندوب العام، بل كل خطوة تتجه نحو الإصلاح، إذ يسعى المفسدون إلى القضاء عليها في مهدها.
إن هذه الهجمة ليست سوى دليل واضح على أن قوى الفساد المنتشرة في المؤسسات لن تدخر جهدًا في عرقلة كل محاولة إصلاحية تمس مصالحها. ومن هذا المنطلق، يغدو الالتفاف حول هذا المشروع الإصلاحي ودعمه واجبًا وطنيًا، بهدف صون جهود المندوب العام للتآزر، السيد الشيخ ولد بده، ليكون جزءًا من حراك شامل يسعى إلى تجسيد تطلعات الشعب نحو تحقيق العدالة والمساوات وعدم التهميش، بعيدًا عن دوائر التلاعب والتضليل الممنهج.
El-Hadj Sidi Brahim Sidi Yahya Ingénieur
انواكشوط 29.10.2024