التعليم في بلدية عين فربه: بين الواقع المتردي والتحديات الوطنية - وكالة الحوض للأنباء
  • الرئيسية
  • Articles
  • التعليم في بلدية عين فربه: بين الواقع المتردي والتحديات الوطنية

التعليم في بلدية عين فربه: بين الواقع المتردي والتحديات الوطنية

يمثل التعليم حجر الأساس الذي تنهض به الأمم، فهو ليس مجرد وسيلة لتحصيل المعرفة، بل هو المحرك الأساسي للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. لقد أثبتت التجارب التاريخية أن الدول ...
Image

يمثل التعليم حجر الأساس الذي تنهض به الأمم، فهو ليس مجرد وسيلة لتحصيل المعرفة، بل هو المحرك الأساسي للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. لقد أثبتت التجارب التاريخية أن الدول التي استثمرت بوعي في التعليم تمكنت من تحقيق مستويات غير مسبوقة من الرفاهية لشعوبها، عبر بناء اقتصادات قائمة على الابتكار والتطور التكنولوجي. وفي المقابل، فإن غياب التعليم الجيد في الدول النامية أدى إلى ترسيخ دورها الهامشي في النظام العالمي، وجعلها عالقة في دوامة التبعية الاقتصادية والتخلف الاجتماعي. إن افتقار هذه الدول إلى أنظمة تعليمية قوية لم يسهم فقط في استمرار البؤس والحرمان، بل جعلها عاجزة عن إنتاج كفاءات وطنية قادرة على قيادة مسارات التنمية، مما تركها تحت رحمة سياسات دولية لا تراعي مصالحها أو طموحات شعوبها.

في هذا الإطار، تُعد بلدية عين فربه تجسيدًا صارخًا للتدهور الهيكلي الذي يعاني منه قطاع التعليم في المناطق الريفية بموريتانيا، وهو تدهور يعود بجذوره إلى إخفاق الحكومات المتعاقبة، على مدار عقود، في تبني سياسات تعليمية شاملة ومستدامة تعالج أوجه القصور المزمنة، وتضمن التوزيع العادل للموارد، وتحقق العدالة في فرص التعليم.

في مشهد يُبرز حجم المعاناة، يُجبر المعلم في ضواحي عين فربه على تدريس فصلين في وقت واحد باستخدام سبورة واحدة، نتيجة نقص حاد في البنية التحتية والكوادر التعليمية. تعاني المدارس في البلدية من غياب الفصول المؤهلة، نقص التجهيزات الأساسية مثل الطاولات والمقاعد، وسوء صيانة المباني، مما يجعل البيئة التعليمية غير ملائمة لتقديم تعليم ذي جودة.

هذا الواقع المؤلم يضع تحديًا كبيرًا أمام الدولة لمعالجة هذه الأزمة، عبر تبني سياسات جادة وشاملة تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتوفير الموارد اللازمة لإحداث تغيير جذري في واقع التعليم بالمنطقة.. 

إلى جانب ذلك، يُعتبر الاكتظاظ في الفصول الدراسية أحد أبرز المشكلات التي تواجه التعليم في البلدية، حيث تتجاوز أعداد الطلاب القدرة الاستيعابية للمدارس، مما يضعف العملية التعليمية بشكل كبير. كما أن غياب العدالة في توزيع الموارد بين المدن والريف يؤدي إلى حرمان المناطق النائية مثل عين فربه من الدعم اللازم، ما يعمق الفجوة التعليمية.

إن إصلاح التعليم في عين فربه لا يجب أن يقتصر على الحلول المؤقتة، بل يتطلب رؤية شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة النظام التعليمي. إن توفير بيئة تعليمية مستدامة وجودة تعليمية عالية في عين فربه والقرى التابعة لها، مثل **لنوار، الملكة، باكوينيت، كلب الخير، كلب النعمة، انخيل، ءامريشه، المنى، والمدينه…**، يُعد اختبارًا حقيقيًا لالتزام الحكومة الجديدة بالتنمية المتوازنة وتحقيق تعليم يُساهم في نهضة الأجيال القادمة في المنطقة.

على المستوى الوطني، يبرز إصلاح التعليم كأحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة. ورغم ذلك، فإن سكان بلدية عين فربه يعقدون آمالًا كبيرة على تدخل حكومي عاجل لتحسين الأوضاع، من خلال توفير فصول دراسية جديدة، تجهيز المدارس بالمعدات الضرورية، وزيادة عدد المعلمين المؤهلين مع تحسين أوضاعهم لضمان استقرارهم في المناطق الريفية.

ومع الأمل الذي ينعقد على التزامات رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني بجعل التعليم أولوية وطنية، فإن الحكومة الجديدة تظهر كفاءة وتميزًا عن سابقاتها من خلال تبنيها خططًا واضحة ورؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق العدالة في توزيع الموارد وتحسين جودة التعليم في مختلف المناطق. إن هذا الالتزام يُعد خطوة مشجعة نحو تحقيق تنمية تعليمية شاملة ومستدامة.

بقلم المهندس الحاج سيدي يحي


شائع

اترك تعليقك