الطلب الذي تقدم به عمدة بلدية عين فربه للحصول على سيارة إسعاف يعكس بجلاء الوضع الصحي المتأزم الذي تعاني منه هذه المنطقة الريفية. فمع غياب نقاط صحية في القرى التابعة للبلدية، التي كان من شأنها توفير الرعاية لبعض الحالات وتخفيف العبء عن المركز الصحي الرئيسي، ومع انعدام طريق معبد يصل المركز الإداري لأقرب مستشفى في الطينطان والذي تعهدت به الحكومة منذ ثلاث سنوات، تبدو البلدية في مواجهة تحديات صحية كبرى.
الأزمة الصحية تفاقمت في ظل انتشار مرض الملاريا، ورغم النداءات العديدة التي وجهها العمدة إلى الجهات المعنية، والتي تضمنت مناشدة بتوفير الأدوية الأساسية والرعاية الصحية الضرورية، إلا أن الوضع لا يزال يشكل خطرًا جسيمًا على حياة السكان.
ما زاد من خيبة الأمل لدى سكان عين فربه، هو الزيارة الأخيرة لمعالي وزير الصحة عبدالله ولد سيدي محمد ولد وديه، التي كانت فرصة مرتقبة لأهالي المنطقة، إذ كان من المتوقع أن تشمل زيارته البلدية ليلامس على أرض الواقع التحديات الصحية التي يواجهها السكان ويقدم الدعم اللازم، إلا أن الوزير لم يدرج عين فربه في جدول زيارته، رغم أنها لا تبعد سوى خمسين كيلومترًا عن الطينطان. هذا التجاهل عمّق من شعور الإحباط لدى السكان، الذين كانوا يطمحون إلى وقوف مسؤول رفيع بجانبهم في مواجهة هذا الوضع المتردي.
تعاظم الشعور بالإحباط لدى سكان بلدية عين فربه نتيجة عدم تجاوب السلطات مع السيول الجارفة القادمة من دولة مالي المجاورة، والتي فرضت حصاراً خانقاً على بعض القرى وأدت إلى وقوع ثلاث وفيات. لقد أضحى اللجوء إلى السلطات، الذي كان يُفترض أن يأتي بحل سريع، محل تساؤل وشك، خاصة في ظل الوعود المتكررة التي أطلقتها الحكومة الجديدة بتحسين الظروف المعيشية وتطوير البنية التحتية.
إن تراكم الأزمات الصحية والبيئية يجعل السكان في بلدية عين فربه يشعرون بتزايد التهميش والعزلة، حيث ما زالت التطلعات لتحسين أوضاعهم المعيشية والارتقاء بمستوى الخدمات الأساسية تصطدم بواقع يخلو من التدخل الفاعل والاستجابة السريعة.
بقلم المهندس الحاج سيدي إبراهيم سيدي يحي
انواكشوط 27.10.2024