محاربة الفساد تتطلب مواجهة حقيقية تبدأ بطرح السؤال الجوهري: “من أين لك هذا؟”.ينبغي على الحكومة أن تبادر بالإجابة على هذا السؤال بنفسها كإثبات لحسن النية والتزاماً بمبدأ الشفافية، دون أن تستثني أي فرد، سواء كان في مواقع السلطة أو خارجها. هذه الخطوة تمثل رسالة واضحة بأن الجميع تحت طائلة المساءلة، وأن الإرادة السياسية جادة في مكافحة الفساد دون محاباة أو تمييز.
هذا الإجراء يمثل نقطة الانطلاق لأي تحقيق جاد في أصول الثروات المشبوهة. التغاضي عن هذا السؤال أو الالتفاف عليه يعكس تهاونًا مؤسساتيًا وتواطؤًا ضمنيًا مع الفساد، مما يؤدي إلى تآكل الثقة العامة في قدرة الدولة على استرداد الأموال المنهوبة في الداخل والخارج.
إن الفساد هو الذي أضاع مستقبل الشعب وأبنائه، حيث تم تبديد خيرات البلاد وأخذ ديون مفرطة ذهبت إلى جيوب المفسدين بدلاً من توجيهها نحو التنمية والرفاه العام. كل محاولة لتأجيل طرح هذا السؤال أو استبداله بإجراءات أخرى تُعتبر مماطلة وتهديدًا مباشرًا للجهود الرامية إلى إرساء حكم القانون وتطهير مؤسسات الدولة من الفساد المستشري.