من "الطريق الدامي" إلى غزة: كيف يُعاد إنتاج الإبادة الجماعية تحت غطاء "الحل الإنساني"؟ - وكالة الحوض للأنباء
  • الرئيسية
  • آخر الأخبار
  • من “الطريق الدامي” إلى غزة: كيف يُعاد إنتاج الإبادة الجماعية تحت غطاء “الحل الإنساني”؟

من “الطريق الدامي” إلى غزة: كيف يُعاد إنتاج الإبادة الجماعية تحت غطاء “الحل الإنساني”؟

عبر التاريخ، لم يكن التهجير القسري مجرد حادثة عابرة، بل كان جزءًا من سياسات استعمارية ممنهجة تهدف إلى إفراغ الأرض من سكانها الأصليين لصالح الغزاة والمستوطنين. من تهجير السكان ...
Image

عبر التاريخ، لم يكن التهجير القسري مجرد حادثة عابرة، بل كان جزءًا من سياسات استعمارية ممنهجة تهدف إلى إفراغ الأرض من سكانها الأصليين لصالح الغزاة والمستوطنين. من تهجير السكان الأصليين في أمريكا في القرن التاسع عشر إلى نكبة الفلسطينيين عام 1948 وما يحدث في غزة اليوم، يتكرر السيناريو ذاته مع اختلاف الشعارات التي تُستخدم لتجميل الجريمة. في كل مرة، يُروّج للتهجير باعتباره “حلاً إنسانيًا”، لكنه في الحقيقة مجرد خدعة للاستيطان ونهب الموارد.


الطريق الدامي: كيف أبيد سكان أمريكا الأصليون؟

في أوائل القرن التاسع عشر، كان ملايين السكان الأصليين يعيشون في المناطق الجنوبية الشرقية من الولايات المتحدة، في قبائل مثل الشيروكي، الشوكتو، السيمينول، والكريك. مع توسع المستوطنين البيض في أراضيهم، بدأ الضغط على الحكومة الأمريكية لإخلاء تلك المناطق بحجة أن السكان الأصليين “غير قادرين على العيش في المجتمع المتحضر”.

من هم المستوطنون البيض؟ ومن أين أتوا؟

المستوطنون الذين احتلوا أراضي السكان الأصليين في أمريكا كانوا في الغالب مهاجرين أوروبيين جاؤوا من إنجلترا، أيرلندا، ألمانيا، فرنسا، وهولندا.

  • جاؤوا بحثًا عن الثروة والأراضي الزراعية، خاصة مع ازدهار تجارة القطن والتبغ.
  • بدعم من الحكومات الأوروبية، بدأوا الاستيطان بالقوة، ونهب الموارد الطبيعية، وإقامة مزارع ضخمة على أنقاض القرى الأصلية.
  • كانوا يؤمنون بأنهم أصحاب “رسالة حضارية” لنشر الثقافة الأوروبية، مما جعلهم ينظرون إلى السكان الأصليين على أنهم “عقبة” يجب التخلص منها.

المجازر العنصرية: مذبحة السود في تولسا

Photograph of the Greenwood District burning during the Tulsa Race Massacre 1921 Collection of the Smithsonian National Museum of African American History and Culture, Gift of Cassandra P. Johnson Smith

لم يكن السكان الأصليون وحدهم من تعرضوا للإبادة على يد المستوطنين البيض، بل امتدت الجرائم العنصرية إلى الأقليات الأخرى. ومن أبشع الجرائم التي ارتكبها البيض ضد السود مذبحة تولسا في أوكلاهوما عام 1921، التي وقعت قبل 100 عام.

  • في هذه المجزرة، هاجم آلاف المستوطنين البيض حي غرينوود، أحد أغنى الأحياء السوداء في أمريكا، ودمروا المنازل والشركات وأحرقوا المباني بالكامل.
  • قُتل أكثر من 300 شخص من الأمريكيين السود، وشُرد الآلاف، بينما تجاهلت الحكومة هذه الجريمة ولم تقدم أي تعويضات للضحايا.
  • الهدف من هذه المذبحة كان القضاء على التقدم الاقتصادي للسود والاستيلاء على ممتلكاتهم، كما فعل المستوطنون مع السكان الأصليين.

نكبة غزة 2024: مشروع الاستيطان والتوسع الإسرائيلي

بعد أكثر من 75 عامًا على نكبة فلسطين عام 1948، تحاول إسرائيل إعادة تنفيذ السيناريو نفسه في غزة، تحت غطاء “إعادة التوطين الإنساني”. الهدف الحقيقي من التهجير ليس حماية الفلسطينيين، بل السيطرة على قطاع غزة واستغلال موارده الاقتصادية والاستراتيجية لصالح المشروع الصهيوني.

لماذا تريد إسرائيل تهجير سكان غزة؟

  1. تحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى”:
    • غزة تمثل عائقًا أمام المخطط الصهيوني القديم لإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
    • تهجير الفلسطينيين من غزة يسمح لإسرائيل بتوسيع مستوطناتها وتعزيز نفوذها الإقليمي.
  2. السيطرة على الثروات الاقتصادية:
    • حقل غزة مارين للغاز الطبيعي، الذي يحتوي على 30 مليار متر مكعب من الغاز، يمثل ثروة هائلة تريد إسرائيل احتكارها.
    • البحر المتوسط غني بالموارد السمكية والنفطية، وإسرائيل تسعى للهيمنة عليه.
  3. تحويل غزة إلى منطقة سياحية إسرائيلية:
    • تمتلك غزة شواطئ بحرية خلابة على البحر المتوسط، وإذا تم تهجير سكانها، يمكن لإسرائيل تحويلها إلى منطقة منتجعات سياحية فاخرة لجذب المستثمرين والسياح.
  4. السيطرة على البحر المتوسط والمياه الإقليمية:
    • إذا استولت إسرائيل على غزة بالكامل، فستتمكن من توسيع نفوذها في البحر المتوسط، ما يعزز موقعها الاقتصادي والأمني.

دعم ترامب للتهجير يزيد الطين بلة والمقاومة لن تستسلم

بعد خمسة عشر شهرًا من التدمير والتجويع والحصار، أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها قادرة على التصدي للاحتلال ببطولة لا نظير لها، رغم الدعم العسكري والاستخباراتي الهائل الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة وأوروبا، ورغم الحماية السياسية التي توفرها لها القوى الكبرى، عبر منع إصدار أي قانون يدين جرائمها.

ومع ذلك، يأتي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليزيد الطين بلة بدعمه العلني لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة، متجاهلًا أن هذا لن يكون حلًّا، بل تصعيدًا خطيرًا للحرب واشتعالًا أكبر للمنطقة. إن محاولة فرض التهجير كخيار للفلسطينيين ليست سوى امتداد لسياسات الاستيطان والاحتلال، وهو وهم استعماري قديم لن ينجح أمام إرادة الشعوب.

لكن هذه الحرب كشفت ضعف إسرائيل الحقيقي؛ فبالرغم من تفوقها العسكري والدعم الغربي غير المحدود، لم تستطع حسم المعركة أو تحقيق أهدافها، بل أظهرت عجزها عن الدفاع عن نفسها حتى مع تدخل حلفائها من الدول الكبرى. وهذا يؤكد أن مشروع الاستيطان والاحتلال، مهما بدا قويًا، فهو هش أمام إرادة الشعوب الحرة، وأن محاولات تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم لن تنجح، تمامًا كما لم ينجح المستوطنون البيض في القضاء على السكان الأصليين في أمريكا أو في إبادة السود في تولسا.

المقاومة لن تستسلم.. والإيمان بالقضية أقوى من الاحتلال

أثبت الفلسطينيون أنهم لن يرضخوا للتهجير ولن يتنازلوا عن أرضهم مهما اشتد العدوان. فرغم كل المجازر، ما زالوا متمسكين بحقهم في المقاومة والدفاع عن وطنهم، لأنهم يعلمون أن الاستسلام يعني نهاية فلسطين، بينما الصمود هو الطريق إلى الحرية.

دعاء بالنصر للمقاومة والصمود لفلسطين

اللهم انصر المقاومة الفلسطينية نصرًا مطلقًا، وأيدهم بجند من عندك، وثبت أقدامهم، وسدد رميهم، واحفظهم من كيد الأعداء. اللهم اجعل بأس الاحتلال بينه شديدًا، وزلزل أركانه، ورد كيده إلى نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه.

اللهم كن لأهل غزة وفلسطين عونًا ونصيرًا، وحصنهم بحمايتك، وارفع عنهم البلاء والحصار، وأعدهم إلى ديارهم سالمين منصورين. اللهم اجعل هذا الاحتلال عبرة لمن يعتبر، واكتب لشعب فلسطين النصر والتحرير القريب، فإنك على كل شيء قدير.

النصر لفلسطين، والحرية لشعبها، والخذلان للمحتلين الظالمين!

بقلم المهندس الحاج سيدي ابراهيم سيدي يحي

المدير الناشر لوكالة الحوض للأنباء

  اقرأ المزيد على الرابط : https://www.elhodh.info/


شائع

اترك تعليقك