تمثل عيشه فال فرجس إحدى الشخصيات السياسية والإدارية البارزة التي لعبت أدوارًا محورية في المشهد الموريتاني على مدى عقود. بصفتها سياسية مخضرمة وإدارية قديرة، استندت في مسيرتها المهنية إلى خبرة عميقة ورؤية شمولية، مكنتها من تولي مناصب رفيعة أثرت بشكل ملموس على مسار السياسات العامة في البلاد.
شغلت عيشه فال العديد من المناصب الوزارية والإدارية. بدأت بمنصب **كاتبة الدولة المكلفة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال**، وهو مجال يتطلب فهمًا عميقًا للتطورات التقنية والرقمية. كان لها دور بارز في وضع السياسات الرامية إلى تحديث الإدارة وتحقيق التحول الرقمي في مؤسسات الدولة بهدف تعزيز الفعالية والشفافية في العمل الحكومي.
بعد ذلك، تم تكليفها بمنصب **المفتش العام للدولة**، حيث انتقلت إلى مجال الرقابة والمساءلة، مما أتاح لها فرصة الإشراف على عمليات تفتيش دقيقة تهدف إلى ضمان الشفافية في استخدام المال العام. كان هذا المنصب محطة مهمة في مسيرتها المهنية، حيث اكتسبت خبرة إضافية في التعامل مع الهياكل المالية والإدارية على أعلى المستويات.
ثم شغلت منصب **وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة**، حيث تميزت بقدرتها على إدارة الملفات الاجتماعية الشائكة من خلال تبني استراتيجيات قائمة على تحسين أوضاع الفئات الأكثر ضعفًا وتوجيه جهود التنمية نحو المرأة والطفل والمجتمع ككل. خلال تلك الفترة، قادت إصلاحات هيكلية في القطاع الاجتماعي بهدف تعزيز الحماية الاجتماعية والارتقاء بمستوى الرعاية والخدمات المقدمة لهذه الفئات
بعد ذلك، انتخبت عضوًا في **لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة**. من خلال هذا الدور على مستوى الأمم المتحدة، اكتسبت عيشه فال خبرة واسعة على الصعيد القاري. هذا المنصب أتاح لها فرصة التفاعل مع قادة وخبراء من مختلف أنحاء القارة، مما زاد من معرفتها بالتحديات المشتركة التي تواجه النساء في إفريقيا، وأكسبها فهمًا أعمق لسبل التصدي لهذه التحديات عبر السياسات الإقليمية والدولية.
وفي إطار دورها الأخير، شغلت منصب مديرة ديوان الوزير الأول، حيث لعبت دورًا مركزيًا في الإشراف على تنفيذ السياسات الكبرى للدولة. هذا المنصب يتطلب قدرات استثنائية في الإدارة، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي تواجه الحكومة الموريتانية
كما شغلت منصب رئيسة اللجنة الوطنية لنساء الحزب الحاكم لمدة تسع سنوات، وهي فترة حافلة بالإنجازات في مجال التسيير السياسي. ساهمت بشكل فعال في تمكين النساء ودمجهن في الحياة السياسية، ولعبت دورًا بارزًا في تعزيز حضورهن في مختلف المجالات.
بالإضافة إلى ذلك، قادت حملة النساء في انتخابات 2019، حيث عملت على شمول جميع فئات المجتمع وتمثيلهن في الحملة بشكل متساوٍ.
وفي الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة، كان مكتبها في “احسي البكاي” التابع لمقاطعة كيفه، الأكثر تصويتًا لصالح المترشح الرئيس محمد الشيخ الغزواني، حيث حصل فيه على 1770 صوتًا..
عيشه فال ليست مجرد إطار إداري بارع فقط، بل هي شخصية سياسية محنكة تتمتع بعلاقات اجتماعية واسعة ووزن اجتماعي مؤثر داخل الطبقات السياسية والاقتصادية في البلاد. دعمها القوي للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ووقوفها إلى جانبه في مرحلة حاسمة من تاريخه السياسي يعزز من مكانتها كإحدى الداعمين الأساسيين لبرنامج الإصلاح والتغيير الذي يتبناه الرئيس.
إنها نموذج للأطر الذين يجمعون بين الخبرة والكفاءة العالية، ويُؤمل في إعادة تفعيل دورها في المرحلة الحالية. هذه المرحلة تتطلب أطرًا من ذوي الخبرة الواسعة لفهم تعقيدات الواقع المحلي والدولي وتوجيه سياسات التنمية نحو تحقيق أهداف ملموسة تعود بالنفع على البلاد ككل..
بقلم: الأستاذة فاطمة منت عبد الله
ناشطة اجتماعية
نواكشوط، 8 أكتوبر 2024