في ظل التحولات التي تشهدها السياسات الخارجية الأمريكية، أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن تقليص حاد في ميزانية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، مما أثر على العديد من الدول ، خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء. وبينما لم تُدرج موريتانيا ضمن أكثر الدول تضررًا، إلا أن تقليص المساعدات قد تكون له انعكاسات ملموسة على بعض البرامج التنموية في البلاد
تشير آخر المعطيات إلى أن حجم المساعدات التي قدمتها الوكالة الأمريكية لموريتانيا خلال عام 2024 بلغ حوالي 7 ملايين دولار، وُجهت بالأساس لدعم الأمن الغذائي، ومواجهة آثار التغير المناخي، وبعض المبادرات الإنسانية، خاصة في المناطق المتضررة من الجفاف واللاجئين.
ورغم أن هذا الرقم لا يمثل شريحة كبيرة من الميزانية العامة، إلا أنه يسلّط الضوء على واقع أعمق: الاعتماد الجزئي على المساعدات الخارجية لتسيير بعض الملفات الحيوية. ومع تراجع هذا الدعم، تبدو الحاجة ملحة لإعادة النظر في النموذج التنموي الوطني.
الفرصة في قلب الأزمة
هذا التراجع قد يُقرأ ليس فقط كمجرد تقليص في التمويل، بل كفرصة سانحة أمام الدولة الموريتانية لتعزيز استقلالها الاقتصادي وتوجيه بوصلتها نحو الإنتاج المحلي. فالمساعدات، مهما بلغت قيمتها، لا يمكن أن تكون أساسًا دائمًا للتنمية، بل يجب أن تظل دعمًا ظرفيًا يعزز مجهودًا وطنيا قائمًا.
خارطة طريق نحو الاعتماد على الذات
تعتمد موريتانيا على ثروات طبيعية هائلة، من غاز ومعادن ومقدرات زراعية وسمكية، لكن استغلال هذه الموارد ما زال دون المستوى المطلوب. لذا، فإن المرحلة القادمة تتطلب:
– تعزيز التصنيع المحلي، خصوصًا في مجالات المعادن والصيد البحري
– تشجيع الزراعة الحديثة لمواجهة الهشاشة الغذائية
– تنمية رأس المال البشري من خلال التعليم والتكوين المهني
– جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية دون الارتهان للشروط المجحفة
– إرساء حوكمة شفافة توظف الموارد لصالح المواطن
قد لا تكون المساعدات الأمريكية قد انقطعت بالكامل، لكنها بالتأكيد تتراجع، وتلك دعوة غير مباشرة لأن تستعد موريتانيا للوقوف على قدميها بثقة، وتعتمد على ذاتها في بناء مستقبلها.
بقلم المهندس الحاج سيدي إبراهيم سيدي يحي
📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/