عين فربه... حين يصبح الحلم مرآةً للضمير - وكالة الحوض للأنباء

عين فربه… حين يصبح الحلم مرآةً للضمير

نشرتُ صورة افتراضية لقرية عين فربه، في مشهد حضاري من نسج الخيال، تُطل فيه الجسور من علٍ، والشوارع المعبدة بين المنازل المنظمة، تُحاكي مدنًا تنتمي للمستقبل. لم تكن سخرية، ولا ...
Image

نشرتُ صورة افتراضية لقرية عين فربه، في مشهد حضاري من نسج الخيال، تُطل فيه الجسور من علٍ، والشوارع المعبدة بين المنازل المنظمة، تُحاكي مدنًا تنتمي للمستقبل. لم تكن سخرية، ولا هروبًا من الواقع، بل كانت صرخة في وجه النسيان، وبصيصًا من أمل يُولد من رحم الألم.

من رآها حلماً، فهو معذور، إذ كيف يُعقل أن نُصدّق ذلك ونحن نعيش الواقع الذي لا يترك متسعاً حتى للحلم؟
عين فربه اليوم عاشت عشرة أيام من الظلام الكامل، عطش وجفاف وانقطاع كامل للكهرباء والماء
توقفت الحياة، وأصبح مجرد عودة الماء إلى الصنابير أو عودة الضوء إلى المصابيح حدثاً يستحق التهليل، في حين أنه حق لا منّة فيه

من كان معنا على خط البداية؟

قبل ستين سنة، كانت هناك دولٌ تُشبهنا:

سنغافورة، جزيرة صغيرة بلا موارد، لا نفط، لا معادن، لا ثروة زراعية، بل كانت تُعرف بالمستنقع والبطالة، وكان شعبها يعيش على هامش الاقتصاد العالمي
واليوم؟
تحولت إلى أحد أعمدة الاقتصاد العالمي، تنافس في التجارة، والتكنولوجيا، والتعليم، ومعدل دخل الفرد فيها من الأعلى في العالم

كيف حدث هذا التحول؟
بقيادة صادقة، وإرادة سياسية صلبة، وتعليم صارم، ومحاربة الفساد من جذوره.
لي كوان يو، مؤسس نهضتها، قال ذات يوم:

ماذا نملك نحن؟

بلادنا، موريتانيا، لا تُقارن بسنغافورة من حيث الموارد الطبيعية. فنحن نملك:

– مناجم الحديد من أضخم المناجم في إفريقيا

– النحاس والذهب

– ثروة حيوانية هائلة تتجاوز 20 مليون رأس

– ثروة سمكية تُعد من أغنى سواحل العالم

– غاز طبيعي ضخم قيد الاستغلال

أراضٍ زراعية خصبة تمتد من الضفة إلى ضفاف تامورت النعمة

موقع جغرافي استراتيجي يربط إفريقيا بالمحيط والأطلسي وأوروبا

ومع ذلك، لا ماء، لا كهرباء، لا طرق، لا تخطيط عمراني، لا سيارة إسعاف، لا مشاريع تنموية في عين فربه.

عودوا إلى الله

ما نعيشه ليس قدَرًا مفروضًا، بل نتيجة لبُعدنا عن الله، وتعلقنا بالأسباب دون التوكل على مسببها
إذا أخلصنا النية، وتحررنا من عبادة المخلوق، ووثقنا بالخالق، فإن الخير بين أيدينا، ولكننا لا نراه

الله سبحانه يقول:

الصورة ليست حلمًا… إنها نداء

إن صورة عين فربه التي نشرتها ليست عبثًا رقميًا، بل نداء قلب صادق يقول:
هكذا يجب أن تكونوا،
وهكذا يمكن أن تكونوا،
إن صدقتم، واجتهدتم، وتوكلتم على الله، ثم حملتم المسؤولية بضمير حي، وإرادة لا تساوم

بين الحلم والإرادة

لم تكن الصورة حلمًا مستحيلًا، بل كانت مرآة لما يمكن أن نكون عليه.
ليست هي السخرية، بل الواقع الذي نعيشه هو المأساة،
أما الحلم فهو رسالة أمل مشروعة، لا تتحقق إلا بالإيمان، والوعي، والعمل الصادق
.


حين نعود إلى الله، ونؤدي الحقوق، ونزرع الصدق في تسيير شؤون الناس
عندها فقط، سيتحول الحلم إلى حقيقة، والصورة إلى واقع، والقرية إلى مدينة

بقلم المهندس الحاج سيدي إبراهيم سيدي يحي

 📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/


شائع

اترك تعليقك